فصل: من أقوال المفسرين في قوله تعالى: {والمساكين}:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال القرطبي:

قوله تعالى: {واليتامى} اليتامى عطف أيضًا، وهو جمع يتيم؛ مثل نَدَامَى جمع نَدِيم.
واليُتْم في بني آدم بفقد الأب، وفي البهائم بفقد الأم.
وحكى الماورديّ أن اليتيم يقال في بني آدم في فقد الأم؛ والأوّل المعروف.
وأصله الانفراد؛ يقال: صبيٌّ يتيم، أي منفرد من أبيه.
وبيت يتيم: أي ليس قبله ولا بعده شيء من الشِّعْر.
ودُرّة يتيمة: ليس لها نظير.
وقيل: أصله الإبطاء؛ فسُمّيَ به اليتيم؛ لأن البِرّ يبطئ عنه.
ويقال: يَتُمَ يَيْتُم يُتْمًا؛ مثل عَظُم يَعْظُم.
وَيتِم يَيْتَم يُتْمًا ويَتمًا؛ مثل سَمِع يَسْمع؛ ذكر الوجهين الفرّاء.
وقد أيتمه الله.
ويدلّ هذا على الرأفة باليتيم والحضّ على كفالته وحفظ ماله؛ على ما يأتي بيانه في النساء.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كافِل اليتيم له أو لغيره أنا وهو كهاتين في الجنة» وأشار مالك بالسبابة والوسطى؛ رواه أبو هريرة أخرجه مسلم.
وخرّج الإمام الحافظ أبو محمد عبد الغني بن سعيد من حديث الحسن بن دينار أبي سعيد البصريّ وهو الحسن بن واصل قال حدّثنا الأسود بن عبد الرحمن عن هِصّان عن أبي موسى الأشعري عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «ما قَعدَ يتيم مع قوم على قَصْعتهم فَيَقْرَب قَصْعتهم الشيطان» وخرّج أيضًا من حديث حسين بن قيس وهو أبو علي الرَّحبي عن عكرمة عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن ضَمّ يتيمًا من بين مسلمين إلى طعامه وشرابه حتى يُغْنِيَه الله عز وجل غُفرت له ذنوبه ألْبتَّةَ إلاّ أن يعمل عملًا لا يُغفر ومن أذهب الله كريمتيه فصبَر واحتسب غُفرت له ذنوبه قالوا: وما كريمتاه؟ قال: عيناه ومن كان له ثلاث بنات أو ثلاث أخوات فأنفق عليهن وأحسن إليهن حتى يَبِنّ أو يمتن غُفرت له ذنوبه ألْبَتَّةَ إلا أن يعمل عملا لا يُغفر» فناداه رجل من الأعراب ممن هاجر فقال: يا رسول الله أو اثنتين؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أو اثنتين» فكان ابن عباس إذا حدّث بهذا الحديث قال: هذا والله من غرائب الحديث وغُرَرِه.
فائدة:
السبّابة من الأصابع هي التي تلي الإبهام، وكانت في الجاهلية تدعى بالسبابة؛ لأنهم كانوا يَسُّبون بها؛ فلما جاء الله بالإسلام كرهوا هذا الاسم فسمّوْها المشيرة؛ لأنهم كانوا يشيرون بها إلى الله في التوحيد.
وتُسمَّى أيضًا بالسبّاحة، جاء تسميتها بذلك في حديث وائل بن حُجْر وغيره؛ ولكن اللغة سارت بما كانت تعرفه في الجاهلية فغلبت.
وروي عن أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم أن المشيرة منها كانت أطول من الوسطى، ثم الوسطى أقصر منها، ثم البنصر أقصر من الوسطى.
روى يزيد بن هارون قال: أخبرنا عبد اللَّه بن مِقْسم الطائفيّ قال حدّثتني عمتي سارة بنت مِقْسَم أنها سمعت ميمونة بنت كَرْدَم قالت: خرجتُ في حجّة حجّها رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على راحلته وسأله أبي عن أشياء؛ فلقد رأيتني أتعجّب وأنا جارية من طول أصبعه التي تلي الإبهام على سائر أصابعه.
فقوله عليه السلام: «أنا وهو كهاتين في الجنة»، وقوله في الحديث الآخر: «أُحشَر أنا وأبو بكر وعمر يوم القيامة هكذا» وأشار بأصابعه الثلاث؛ فإنما أراد ذكر المنازل والإشراف على الخلق فقال: نحشر هكذا ونحن مشرفون، وكذا كافل اليتيم تكون منزلته رفيعة.
فمن لم يعرف شأن أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم حمل تأويل الحديث على الانضمام والاقتراب بعضهم من بعض في محل القربة.
وهذا معنى بعيد؛ لأن منازل الرسل والنبيين والصدّيقين والشهداء والصالحين مراتب متباينة، ومنازل مختلفة. اهـ. بتصرف يسير.

.قال الفخر:

اليتيم كالتالي لرعاية حقوق الأقارب وذلك لأنه لصغره لا ينتفع به وليتمه وخلوه عمن يقوم به، يحتاج إلى من ينفعه والإنسان قلما يرغب في صحبة مثل هذا، وإذا كان هذا التكليف شاقًا على النفس لا جرم كانت درجته عظيمة في الدين. اهـ.

.من أقوال المفسرين في قوله تعالى: {والمساكين}:

.قال الفخر:

{والمساكين} واحدها مسكين، أخذ من السكون كأن الفقر قد سكنه وهو أشد فقرًا من الفقير عند أكثر أهل اللغة وهو قول أبي حنيفة رضي الله عنه واحتجوا بقوله تعالى: {أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ} [البلد: 16] وعند الشافعي رضي الله عنه: الفقير أسوأ حالًا، لأن الفقير اشتقاقه من فقار الظهر كأن فقاره انكسر لشدة حاجته وهو قول ابن الأنباري.
واحتجوا عليه بقوله تعالى: {أَمَّا السفينة فَكَانَتْ لمساكين يَعْمَلُونَ في البحر} [الكهف: 79] جعلهم مساكين مع أن السفينة كانت ملكًا لهم. اهـ.

.قال القرطبي:

قوله تعالى: {والمساكين} {المساكين} عطف أيضًا؛ أي وأمرناهم بالإحسان إلى المساكين، وهم الذين أسكنتهم الحاجة وأذلتهم.
وهذا يتضمّن الحضّ على الصدقة والمؤاساة وتفقّد أحوال المساكين والضعفاء.
روى مسلم عن أبي هريرة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «السّاعِي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله وأحسِبه قال وكالقائم لا يَفْتُرُ وكالصائم لا يُفْطِر» قال ابن المنذر: وكان طاوس يرى السعي على الأخوات أفضل من الجهاد في سبيل الله. اهـ.

.قال الفخر:

إنما تأخرت درجتهم عن اليتامى لأن المسكين قد يكون بحيث ينتفع به في الاستخدام فكان الميل إلى مخالطته أكثر من الميل إلى مخالطة اليتامى، ولأن المسكين أيضًا يمكنه الاشتغال بتعهد نفسه ومصالح معيشته، واليتيم ليس كذلك فلا جرم قدم الله ذكر اليتيم على المسكين. اهـ.

.قال أبو حيان:

وتأخرت درجة المساكين، لأنه يمكنه أن يتعهد نفسه بالاستخدام، ويصلح معيشته، بخلاف اليتامى، فإنهم لصغرهم لا ينتفع بهم، وهم محتاجون إلى من ينفعهم.
وأول هذه التكاليف هو إفراد الله بالعبادة، ثم الإحسان إلى الوالدين، ثم إلى ذي القربى، ثم إلى اليتامى، ثم إلى المساكين.
فهذه خمسة تكاليف تجمع عبادة الله، والحض على الإحسان للوالدين، والمواساة لذي القربى واليتامى والمساكين، وأفرد ذا القربى، لأنه أراد به الجنس، ولأن إضافته إلى المصدر يندرج فيه كل ذي قرابة. اهـ.

.قال الفخر:

الإحسان إلى ذي القربى واليتامى، لابد وأن يكون مغايرًا للزكاة لأن العطف يقتضي التغاير. اهـ.

.من أقوال المفسرين في قوله تعالى: {وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْنًا}:

.قال الفخر:

قرأ حمزة والكسائي: {حسنًا} بفتح الحاء والسين على معنى الوصف للقول، كأنه قال: قولوا للناس قولًا حسنًا، والباقون بضم الحاء وسكون السين، واستشهدوا بقوله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الإنسان بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا} [العنكبوت: 8] وبقوله: {ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوء} [النمل: 11] وفيه أوجه، الأول: قال الأخفش: معناه قولًا ذا حسن.
الثاني: يجوز أن يكون حسنًا في موضع حسنًا كما تقول: رجل عدل.
الثالث: أن يكون معنى قوله: {وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْنًا} أي ليحسن قولكم نصب على مصدر الفعل الذي دل عليه الكلام الأول.
الرابع: حسنًا أي قول هو حسن في نفسه لإفراط حسنه. اهـ.

.قال القرطبي:

قوله تعالى: {وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْنًا} {حُسْنًا} نصب على المصدر على المعنى؛ لأن المعنى ليَحْسُن قولُكم.
وقيل: التقدير وقولوا للناس قولًا ذا حُسْن؛ فهو مصدر لا على المعنى.
وقرأ حمزة والكسائي {حَسَنًا} بفتح الحاء والسين.
قال الأخفش: هما بمعنًى واحد؛ مثل البُخْل والبَخَل، والرُّشْد والرَّشَد.
وحكى الأخفش: {حُسْنَى} بغير تنوين على فُعْلى.
قال النحاس: وهذا لا يجوز في العربية، لا يقال من هذا شيء إلا بالألف واللام، نحو الفُضْلَى والكُبْرَى والحُسْنَى؛ هذا قول سيبويه.
وقرأ عيسى بن عمر {حُسُنًا} بضمتين؛ مثل الحُلُم.
قال ابن عباس: المعنى قولوا لهم لا إله إلا الله ومُرُوهم بها.
ابن جُريج: قولوا للناس صدقًا في أمر محمد صلى الله عليه وسلم ولا تغيّروا نعته.
سُفيان الثَّوْرِي: مُروهم بالمعروف وانهوهم عن المنكر.
أبو العالية: قولوا لهم الطيّب من القول، وجازوهم بأحسن ما تحبون أن تجازوا به.
وهذا كله حض على مكارم الأخلاق؛ فينبغي للإنسان أن يكون قوله للناس لَينًا ووجهه منبسطًا طَلْقًا مع البَرّ والفاجر، والسُّني والمبتدع، من غير مداهنة، ومن غير أن يتكلم معه بكلام يظن أنه يُرضي مذهبه؛ لأن الله تعالى قال لموسى وهارون: {فَقُولاَ لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا} [طه: 44].
فالقائل ليس بأفضل من موسى وهارون؛ والفاجر ليس بأخبث من فرعون، وقد أمرهما الله تعالى باللين معه.
وقال طلحة بن عمر: قلت لعطاء إنك رجل يجتمع عندك ناس ذوو أهواء مختلفة، وأنا رجل فيّ حِدّة فأقول لهم بعض القول الغليظ؛ فقال: لا تفعل! يقول الله تعالى: {وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْنًا}.
فدخل في هذه الآية اليهود والنصارى فكيف بالحنيفيّ.
وروي عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال لعائشة: «لا تكوني فحّاشة فإن الفحش لو كان رجلًا لكان رجل سوء».
وقيل: أراد بالناس محمدًا صلى الله عليه وسلم؛ كقوله: {أَمْ يَحْسُدُونَ الناس على مَا آتَاهُمُ الله مِن فَضْلِهِ} [النساء: 54].
فكأنه قال: قولوا للنبيّ صلى الله عليه وسلم حُسْنًا.
وحكى المهدَوِيّ عن قتادة أن قوله: {وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْنًا} منسوخ بآية السيف.
وحكاه أبو نصر عبد الرحيم عن ابن عباس.
قال ابن عباس: نزلت هذه الآية في الابتداء ثم نسختها آية السيف.
قال ابن عطية: وهذا يدلّ على أن هذه الأمة خوطبت بمثل هذا اللفظ في صدر الإسلام؛ وأما الخبر عن بني إسرائيل وما أُمِروا به فلا نسخ فيه، والله أعلم. اهـ.

.قال في الميزان:

قوله تعالى: {حسنًا} مصدر بمعنى الصفة جيء به للمبالغة، وفي بعض القراءات حسنًا- بفتح الحاء والسين- صفة مشبهة، والمعنى قولوا للناس قولًا حسنًا، وهو كناية عن حسن المعاشرة مع الناس كافرهم ومؤمنهم، ولا ينافي حكم القتال حتى تكون آية القتال ناسخة له، لأن مورد القتال غير مورد المعاشرة، فلا ينافي الأمر بحسن المعاشرة، كما أن القول الخشن في مقام التأديب لا ينافي حسن المعاشرة. اهـ.

.قال الفخر:

يقال: لم خوطبوا بقولوا بعد الإخبار؟
والجواب من ثلاثة أوجه: أحدها: أنه على طريقة الالتفات كقوله تعالى: {حتى إِذَا كُنتُمْ في الفلك وَجَرَيْنَ بِهِم} [يونس: 22].
وثانيها: فيه حذف أي قلنا لهم قولوا.
وثالثها: الميثاق لا يكون إلا كلامًا كأنه قيل: قلت لا تعبدوا وقولوا. اهـ.

.فصل: المخاطب بقوله: {وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْنًا}:

قال الفخر:
اختلفوا في أن المخاطب بقوله: {وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْنًا} من هو؟
فيحتمل أن يقال: إنه تعالى أخذ الميثاق عليهم أن لا يعبدوا إلا الله وعلى أن يقولوا للناس حسنًا ويحتمل أن يقال: إنه تعالى أخذ الميثاق عليهم أن لا يعبدوا إلا الله ثم قال لموسى وأمته: قولوا للناس حسنًا والكل ممكن بحسب اللفظ وإن كان الأول أقرب حتى تكون القصة قصة واحدة مشتملة على محاسن العادات ومكارم الأخلاق من كل الوجوه. اهـ.

.فصل: القول الحسن مع المؤمنين:

قال الفخر:
منهم من قال: إنما يجب القول الحسن مع المؤمنين، أما مع الكفار والفساق فلا، والدليل عليه وجهان، الأول: أنه يجب لعنهم وذمهم والمحاربة معهم، فكيف يمكن أن يكون القول معهم حسنًا، والثاني: قوله تعالى: {لاَّ يُحِبُّ الله الجهر بالسوء مِنَ القول إِلاَّ مَن ظُلِمَ} [النساء: 148] فأباح الجهر بالسوء لمن ظلم، ثم إن القائلين بهذا القول منهم من زعم أن هذا الأمر صار منسوخًا بآية القتال، ومنهم من قال: إنه دخله التخصيص، وعلى هذا التقدير يحصل هاهنا احتمالان، أحدهما: أن يكون التخصيص واقعًا بحسب المخاطب وهو أن يكون المراد وقولوا للمؤمنين حسنًا.
والثاني: أن يقع بحسب المخاطب وهو أن يكون المراد قولوا للناس حسنًا في الدعاء إلى الله تعالى.
وفي الأمر المعروف، فعلى الوجه الأول: يتطرق التخصيص إلى المخاطب دون الخطاب وعلى الثاني: يتطرق إلى الخطاب دون المخاطب، وزعم أبو جعفر محمد بن علي الباقر أن هذا العموم باق على ظاهره وأنه لا حاجة إلى التخصيص، وهذا هو الأقوى والدليل عليه أن موسى وهرون مع جلال منصبهما أمرا بالرفق واللين مع فرعون، وكذلك محمد صلى الله عليه وسلم مأمور بالرفق وترك الغلظة وكذلك قوله تعالى: {ادع إلى سَبِيلِ رَبّكَ بالحكمة والموعظة الحسنة} [النحل: 125] وقال تعالى: {وَلاَ تَسُبُّواْ الذين يَدْعُونَ مِن دُونِ الله فَيَسُبُّواْ الله عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعام: 108] وقوله: {وَإِذَا مَرُّواْ بِاللَّغْوِ مَرُّواْ كِرامًا} [الفرقان: 72] وقوله: {وَأَعْرِض عَنِ الجاهلين} [الأعراف: 199] أما الذي تمسكوا به أولًا من أنه يجب لعنهم وذمهم فلا يمكنهم القول الحسن معهم، قلنا: أولًا لا نسلم أنه يجب لعنهم وسبهم والدليل عليه قوله تعالى: {وَلاَ تَسُبُّواْ الذين يَدْعُونَ مِن دُونِ الله} [الأنعام: 108] سلمنا أنه يجب لعنهم لكن لا نسلم أن اللعن ليس قولًا حسنًا بيانه: أن القول الحسن ليس عبارة عن القول الذي يشتهونه ويحبونه، بل القول الحسن هو الذي يحصل انتفاعهم به ونحن إذا لعناهم وذممناهم ليرتدعوا به عن الفعل القبيح كان ذلك المعنى نافعًا في حقهم فكان ذلك اللعن قولًا حسنًا ونافعًا، كما أن تغليظ الوالد في القول قد يكون حسنًا ونافعًا من حيث إنه يرتدع به عن الفعل القبيح، سلمنا أن لعنهم ليس قولًا حسنًا ولكن لا نسلم أن وجوبه ينافي وجوب القول الحسن، بيانه أنه لا منافاة بين كون الشخص مستحقًا للتعظيم بسبب إحسانه إلينا ومستحقًا للتحقير بسبب كفره، وإذا كان كذلك فلم لا يجوز أن يكون وجوب القول الحسن معهم، وأما الذي تمسكوا به ثانيًا وهو قوله تعالى: {لاَّ يُحِبُّ الله الجهر بالسوء مِنَ القول إِلاَّمن ظُلِمَ} [النساء: 148].
فالجواب لم لا يجوز أن يكون المراد منه كشف حال الظالم ليحترز الناس عنه؟ وهو المراد بقوله صلى الله عليه وسلم: «اذكروا الفاسق بما فيه كي يحذره الناس». اهـ.